أفضت الاشتباكات التي اندلعت السبت الماضي، في العاصمة الليبية طرابلس، بين مليشيات وكتائب مسلّحة، وبدأت بمواجهات مسلّحة بين جهاز “قوة دعم الاستقرار”، بقيادة عبد الغني الككلي، و”الكتيبة 77″، بقيادة هيثم التاجوري، وسقط ضحيتها 32 مدنياً وأكثر من مائة جريح، إلى حسم الكتائب والمليشيات الداعمة لرئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة، سيطرتها في العاصمة، مقابل تراجع تلك التي أظهرت دعماً لرئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا.
وسواء أكان ذلك معداً سلفاً لكلا أو أحد المحورين المتنافسين في ليبيا اليوم على السلطة، أو أنه جاء بتحركات للكتائب المسلحة في إطار صراعاتها بدورها على النفوذ في العاصمة، وهو أمر مستبعد، فإن الدبيبة تمكن من الإمساك أمنياً بالعاصمة، وتظهير مرة أخرى تعثر محاولات باشاغا الدخول إليها.
وتأتي الاشتباكات الأخيرة التي شهدتها طرابلس، كنتيجة متوقعة لتراكم الفشل السياسي، منذ أن أضاع سياسيو هذا البلد، فرصة الانتقال الديمقراطي في ديسمبر الماضي، بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وفق خريطة الحل الأممية. وأفرز الغموض الذي خلّفه فشل الانتخابات، مستوى جديداً من الصراع، سياسي بين الحكومتين المتنافستين، وجغرافي، بعد تكريس الغرب الليبي، كساحة للصراع، وتحديداً العاصمة طرابلس.
وتجلى هذا الوضع الجديد، بعد حرب اللواء المتقاعد خليفة حفتر الفاشلة على العاصمة الليبية، بـ 4 مشاريع حروب متتالية، منذ تكليف مجلس النواب المنعقد في طبرق، باشاغا، بتشكيل حكومة، في فيفري الماضي.
وشكلت كل تلك الاختبارات العسكرية، ظهيراً لصراع سياسي بتحالفات جديدة، بدأت أولى ملامحه في التقارب بين باشاغا، وقائد مليشيات شرق ليبيا خليفة حفتر، أثناء ترشحهما للانتخابات الرئاسية نهاية العام الماضي، بهدف بناء حلف في مواجهة خصومهما من الشخصيات الجدلية التي تموضعت ضمن خريطة الإعداد للانتخابات.
