العالم اليوم

الاستحقاقات كبيرة و”خيبة” الأميركيين أكبر

 

يواجه الحزبان الديمقراطي والجمهوري استحقاقين كبيرين في آن: الترشيح لانتخابات 2024، وحاجة الخزينة لاقتراض المال لتفادي خطر ما يشبه الإفلاس. وبرغم خطورة العواقب والتداعيات في الحالتين، إلاّ أن الممارسة بقيت أصغر من التحدي بكثير، وبما أشاع أجواء الخيبة، وأدى إلى المزيد من هبوط ثقة الأميركيين بالاثنين، وبالتالي بالعملية السياسية مع كل ما ينطوي عليه ذلك من محاذير، حسب ما تعكسه استطلاعات الرأي.

رفع سقف الدّين العام تحوّل إلى بازار سياسي- انتخابي على حساب جدارته كمخرج إجباري لاستباق انهيارات اقتصادية ومالية، محلية وعالمية. وزيرة المالية جانيت يلين أكدت مراراً في الآونة الأخيرة أن إعلان العجز عن وفاء أميركا بالتزاماتها المالية وسداد المترتب من ديونها، صار بحكم تحصيل حاصل في أول جوان في حال بقي باب الاقتراض مقفلاً. المفتاح بيد الكونغرس، وبالتحديد بيد الغالبية الجمهورية في مجلس النواب التي تتحكم بها كتلة صغيرة من المتشددين الممانعين لزيادة الديون إلا بشروط عرقوبية حول خفض الإنفاق الحكومي، لا تقوى الإدارة على قبولها. حول هذه العقدة يجري التفاوض بين البيت الأبيض ورئيس مجلس النواب كيفين مكارثي الممسوك من المتشددين في حزبه. حتى اللحظة لا إشارة على حلحلة واعدة، حيث تستمر عملية العض على الأصابع برغم ضغط الوقت واقتراب الاستحقاق بعد 5 أيام.

المفارقة أن البيت الأبيض لا يمسك بزمام المبادرة في مواجهة هذا الاستحقاق مع أن الدستور إلى جانبه، حيث ينص على أن سداد الدولة لديونها أمر “لا نقاش فيه”. الجمهوري تمكّن من تسويق تفسيره بأن التسديد يجب أن يحصل من خلال الخفض في الموازنة وليس مراكمة الديون. حيلة وقع البيت الأبيض في شباكها وغرق في مفاوضات محكومة بتنازلات لصالح مكارثي.

العلّة كما يراها المراقبون تكمن في عجز “عضوي” لدى الإدارة في تسويق طروحاتها “الأقوى في المضمون” من عراقيل الجمهوريين. قصور أثار خيبة فريق من حزب الرئيس الديمقراطي يلوّح بالتصويت ضد أي تنازل في الموازنة، مما يهدد بأزمة الإفلاس.

وما يضاعف من مخاوف الديمقراطيين أن علامات الاستفهام تتزايد حول ثمانينية بايدن، ما زاد من الريبة والتردد في تأييده، خاصة في صفوف المستقلين الذين يشكلون الرافعة الرئيسية للفوز بالرئاسة. يضاف إلى ذلك التشكي من ندرة حضوره الميداني ومخاطبة الناخب مباشرة أو إعلامياً، إذا لم يعقد منذ أشهر مؤتمراً صحافياً.

ومن المآخذ أن تواصله مع الناخب وحتى مع الإعلام “فقير في الأداء كما في حبك الأفكار وعرض المواقف”، كما يجري في معالجته لمسألة رفع سقف الدّين العام . يفاقم ذلك، غياب نائبته كامالا هاريس عن المشهد، أو تعثر أدائها عند حضورها. كل ذلك يثير قلقاً حقيقياً تعرب عنه صراحة جهات رأت من الأساس أن ترشيحه مغامرة “مهددة بكارثة انتخابية” ليست غير مستبعدة في ضوء معطيات معركته.

إظهار المزيد

مقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى