رياح السياسة تُهزّ المبادلات التجارية.. تراجع كبير في التبادل بين الجزائر وفرنسا

كشفت أحدث البيانات الصادرة عن مصالح الجمارك الفرنسية عن تراجع ملحوظ في حجم المبادلات التجارية بين الجزائر وفرنسا خلال النصف الأول من العام الجاري 2025، حيث بلغ إجمالي التبادل 4.8 مليار يورو، مسجلاً انخفاضًا بنسبة 12.3% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي 2024.

ورغم هذا التراجع، حافظت الجزائر على مكانتها كثاني أكبر سوق للمنتجات الفرنسية في إفريقيا، قبل تونس، في إشارة إلى أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين لا تزال قائمة نسبيا رغم حالة الفتور السياسي التي تشهدها العلاقات الثنائية.

• النفط والغاز.. العمود الفقري المتأثر

أرجعت التحليلات الأولية جزءًا كبيرًا من هذا التراجع إلى العامل الخارجي الأبرز، وهو الانخفاض الحاد في أسعار المحروقات على المستوى العالمي. حيث فقد خام برنت نحو 20% من قيمته، ليستقر في المتوسط عند 71 دولارًا للبرميل، مما انعكس مباشرة على قيمة صادرات الجزائر التي تعتمد بشكل كبير على المحروقات.

وبلغت صادرات الجزائر من المحروقات إلى فرنسا 2.7 مليار يورو، مسجلة تراجعًا بنسبة 11.8%. وفي المقابل، انخفضت الصادرات الفرنسية نحو الجزائر بنسبة أكبر بلغت 12.9%، لتبلغ قيمتها 2.1 مليار يورو.

• صدمة القطاع الزراعي الفرنسي

لكن الصدمة الكبرى في تقرير الجمارك الفرنسية جاءت من الانهيار شبه الكامل للصادرات الزراعية الفرنسية نحو السوق الجزائرية. ففي مؤشر على تحول استراتيجي في سياسة الشراء الجزائرية، انخفضت مبيعات القمح الفرنسي من 300.1 مليون يورو في النصف الأول من 2024 إلى 4.2 مليون يورو فقط في الفترة ذاتها من 2025، أي بتراجع صادم بلغ 98.6%.

ولم يقتصر الأمر على القمح، فقد شهدت صادرات الألبان والمثلجات انهيارًا بنسبة 95.8%، كما تراجعت الصادرات الكيميائية الأساسية بنسبة 23.7%، والمنتجات الصيدلانية بنسبة 6.6%.

• صناعة السيارات.. المنقذ الفرنسي

في هذا المناخ السلبي للجانب الفرنسي برز قطاع واحد كمنقذ للوجود التجاري، وهو صناعة السيارات حيث قفزت صادرات فرنسا من منتجات تصنيع السيارات (قطع غيار وسيارات كاملة) إلى الجزائر بنسبة 49%، لتصل إلى 657 مليون يورو، مقابل 441 مليون يورو في نفس الفترة من العام الماضي.