في خضم انتقادات لاذعة من الجماهير ووسائل الإعلام المحلية، يواجه المدرب السويسري فلاديمير بيتكوفيتش، مدرب منتخب “الخضر”، عاصفة من التساؤلات حول قدرته على قيادة عملية تجديد الفريق، وذلك على الرغم من تحقيقه نتائج فنية تضع الجزائر على بعد خطوة واحدة من التأهل إلى كأس العالم 2026.
جمع المنتخب الجزائري 4 نقاط من فوز متأخر على بوتسوانا (1-3) وتعادل سلبي أمام غينيا، ليرفع رصيده إلى 19 نقطة ويتصدر مجموعته بفارق 4 نقاط عن وصيفه أوغندا، مما يعني أن الفوز في المباراة المقبلة أمام الصومال في أكتوبر القادم سيمنحه التأهل رسمياً. إلا أن هذا الإنجاز الرياضي البحت أخفى وراءه أداءً متذبذباً وعدم رضا جماهيري عن مستوى اللعب وعدم منح الفرصة للاعبين الشباب الواعدين.
- واقع مفروض وليس إستراتيجية
لكن التحليل المتعمق للموقف يكشف أن عدم قيام بيتكوفيتش بـ “تغيير الدماء” على مدى 18 شهراً من قيادته للمنتخب ليس مجرد خيار تكتيكي مقتنع به، بل هو “واقع مفروض” فرضته سلسلة من الإخفاقات السابقة التي لا تزال تطارد الفريق. فوفقاً لمصادر مطلعة، فإن المدرب السويسري، الذي تولى المهمة خلفاً لجمال بلماضي في مرحلة بالغة الحساسية بعد الإخفاق في كأس أمم أفريقيا 2023، اصطدم بواقع النتائج الفورية منذ خسارته الأولى أمام غينيا في الجولة الثالثة من التصفيات.
هذه الخسارة، التي وصفها المصدر بـ “الصادمة”، خلطت أوراق بيتكوفيتش وعرضته لانتقادات حادة، مما جعله يقتنع بأن مرحلة التصفيات الحاسمة للمونديال ليست الوقت المناسب للمخاطرة وتجربة الشباب. وأصبح مطلوباً منه تحقيق الانتصارات المتتالية وتفادي أي نكسة قد تعيد إحياء “متلازمة الإخفاق” التي يعاني منها اللاعبون.
- كابوس الكاميرون: الشبح الذي يطارد “الخضر”
وكشف المصدر عن أن المشكلة الأساسية تتجاوز التكتيك لتصل إلى الجانب النفسي للاعبين، الذين ما زالوا يعانون من تداعيات “كابوس الكاميرون” – ذلك الهدف في الثواني الأخيرة الذي أفقدهم التأهل إلى مونديال قطر 2022. وأوضح المصدر: “مخلفات الإقصاء من بلوغ مونديال قطر ما زالت كابوساً يرعب اللاعبين. الأمر حدث في الثواني الأخيرة وهو أمر لا يغادر مخيلتهم إلى الآن”.
وهذا الكابوس تجلى بوضوح في نهاية مباراة غينيا الأخيرة، حيث ظهر ارتباك واضح على اللاعبين المخضرمين، الذين احتجوا بشدة قبل نهاية اللقاء خوفاً من تكرار السيناريو. وهو ما دفع بيتكوفيتش إلى استباق الأمور وإغلاق اللعب بلاعبين دفاعيين، في خطوة تفسر عدم منحه فرصة للشاب إبراهيم مازا على حساب اللاعب الأكثر خبرة.
- مستقبل غامض وكأس أفريقيا على الأبواب
أمام هذا الواقع المعقد، يبدو بيتكوفيتش مطالباً بمهمة شاقة تتمثل في تصحيح الوضع النفسي للاعبين وتجنيبهم السقوط في فخ “متلازمة الإخفاق” قبل انطلاق كأس أمم أفريقيا 2025 في المغرب بعد ثلاثة أشهر. فالخروج المبكر للمرة الثالثة على التوالي من البطولة القارية سيكون بمثابة كارثة.
ويبقى الأمل في أن يحقق المنتخب التأهل إلى المونديال في المباراة المقبلة، وهو إنجاز من شأنه أن يزيح كمية هائلة من الضغط النفسي عن كاهل اللاعبين والمدرب على حد سواء، ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الثقة وربما التجديد الحقيقي الذي تتوق إليه الجماهير الجزائرية.
