
الجزائر.. “قوة ميسرة” في قلب الاندماج الإفريقي
تستضيف الجزائر اليوم النسخة الرابعة من معرض التجارة البينية الإفريقية، وهو حدث اقتصادي يتجاوز أبعاده التنظيمية ليصبح فرصة استراتيجية لتثبيت موقع البلاد كقوة اقتصادية ودبلوماسية محورية في القارة، هذا المعرض ليس مجرد تظاهرة تجارية، بل هو تجسيد لرؤية الجزائر في بناء اقتصاد متنوع وفاعل، قادر على قيادة مسارات التكامل الإفريقي.
تدرك الجزائر أن مستقبلها الاقتصادي لا يمكن أن يظل مرهونًا بالنفط. من هنا، يمثل المعرض منصة عملية لتسويق قدراتها الإنتاجية خارج قطاع الطاقة في مجالات حيوية مثل الصناعات الغذائية، الأدوية، والتكنولوجيا. إنها فرصة لتفعيل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، حيث تسعى الجزائر بفضل موقعها الجغرافي وبنيتها التحتية إلى أن تصبح منصة لوجستية محورية تربط شمال إفريقيا بعمقها الصحراوي والغربي.
كما يتيح المعرض للشركات الجزائرية بناء شراكات استراتيجية مع نظرائها الأفارقة، مما يسهم في فتح أسواق جديدة وتقليص التبعية للأسواق الأوروبية التقليدية. يؤكد الخبراء الاقتصاديون أن استضافة الجزائر لهذا الحدث لا تقتصر على البروتوكول، بل تعتبر قوة في “صياغة الأجندة” الاقتصادية على مستوى القارة، من خلال دفع ملفات استراتيجية مثل تيسير المدفوعات وتوحيد المعايير الفنية.
إلى جانب أهدافه الاقتصادية، يمثل المعرض فضاءً غير رسمي للدبلوماسية، حيث يلتقي الفاعلون الاقتصاديون والسياسيون لمناقشة مستقبل القارة. هذا التفاعل غير الرسمي يعزز الثقة والشراكات، ويؤكد عودة الجزائر القوية إلى الواجهة الدبلوماسية الإفريقية، انطلاقاً من التزامها التاريخي بقضايا التحرر والتنمية.
لا تقتصر رؤية الجزائر على الجوانب التجارية فقط، بل تتضمن أيضاً استثمار القوة الناعمة من خلال برنامج CANEX للصناعات الإبداعية، الذي يعرض الموسيقى، السينما، والأزياء، مما يعزز العلاقة الثقافية مع الجمهور وصناع المحتوى في القارة. كما يركز المعرض على قطاعات استراتيجية مثل صناعة السيارات، لفتح المجال أمام تحالفات صناعية عابرة للحدود.
إن نجاح هذا الموعد الإفريقي لن يتحقق إلا بتحويل الوعود إلى مشاريع واقعية. في هذا السياق، يعتبر انضمام بنك الجزائر إلى نظام PAPSS لتسوية المدفوعات بالعملات المحلية خطوة حاسمة لتسهيل التجارة عبر القارة. كما أن مشاريع الاندماج القاري مثل طريق الوحدة الإفريقية وشبكات الألياف البصرية تؤكد التزام الجزائر بتوفير البنية التحتية اللازمة لتحقيق التكامل الحقيقي.
الجزائر، بما تملكه من ثقل دبلوماسي وخبرة تنموية، مؤهلة لتكون منصة انطلاق نحو اندماج قاري حقيقي. إنها تضع نفسها في قلب هذا المشروع التاريخي، مساهمة في صياغة مسارات التعاون الإفريقي على أساس المصلحة المشتركة والتنمية المستدامة. فالمعرض البيني الإفريقي ليس مجرد حدث، بل هو بوابة نحو مستقبل إفريقي مزدهر، تقع الجزائر في صلب جهوده.
* تنويه: المقال مأخوذ من صفحات التواصل الإجتماعي الرسمية للصحفية.



