غزة: تصعيد على وقع تزايد التطبيع
حرائق في الأراضي المحتلة جراء إطلاق البالونات الحارقة
ربما لا يكون التصعيد الإسرائيلي الحالي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة منفصلاً بالكامل عن إعلان التحالف بين تل أبيب وأبوظبي. صحيح أن دولة مثل الإمارات لم تكن يوماً عائقاً أمام العدوان الإسرائيلي المتكرر خصوصاً ضد الشعب الفلسطيني، إلا أن موجة التصعيد الحالية، المتواصلة منذ أيام، وتزامنها مع الإعلان عن اتفاق التحالف الإسرائيلي-الإماراتي، ربما تكون استفادت من غطاء إضافي لخنق القطاع المحاصر وضرب الحركات المسلحة فيه، والتي تتعامل معها أبوظبي على أنها منظمات إرهابية. والغطاء المقصود هنا يتعلق خصوصاً بتزامن التصعيد مع الموقف الرسمي العربي حيال الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي في وجهيه: الموقف المؤيد علناً للاتفاق والمتحمس له (مصر والبحرين والإعلام السعودي، من دون الحديث عن دول تابعة بقرارها السياسي للمحور السعودي الإماراتي مثل موريتانيا)، أو الصامت حيال المجاهرة بالتحالف. وبالفعل، تُرجم التزامن بين الحدثين (التصعيد وإعلان التحالف) في كيفية تعاطي الإعلام الإماراتي والسعودي مع الغارات الإسرائيلية والقصف المتواصل وإغلاق المجال البحري أمام صيادي غزة، فجاءت معالجة هذا الإعلام، بنوعية المصطلحات المستخدمة والنفس العام للتغطية، تبريرا للتصعيد، بينما كانت الاتفاقيات الأولية بين أبوظبي وتل أبيب تتسارع، ما يفنّد، مجدداً، كل الأكاذيب التي ساقها ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد وفريق عمله لتبرير الاتفاق مع إسرائيل، باستحضارهم أسطورة أن الاتفاق يخدم الشعب الفلسطيني ويجمّد قرار الاحتلال ضم أجزاء من الضفة الغربية.
ووسّع الاحتلال الإسرائيلي، ليل السبت وأمس الأحد، من عدوانه على قطاع غزة، مع زيادة التضييق على سكانه، عقب إغلاقه البحر أمام الصيادين، بعد أيام من إغلاقه معبر كرم أبو سالم، المنفذ التجاري الوحيد للقطاع مع الأراضي المحتلة والعالم الخارجي. في المقابل ردّ الفلسطينيون بتفعيل مزيد من الأدوات “الخشنة” على الحدود الشرقية والشمالية للقطاع مع الأراضي المحتلة، ليضاف “الإرباك الليلي” إلى البالونات الحارقة التي لا تزال تتساقط على مستوطنات “غلاف غزة” وتحدث مزيداً من الحرائق في الأراضي الزراعية. وفي فعالية “الإرباك الليلي” شرقي مدينة غزة، أصيب عدد من الفلسطينيين بجراح برصاص الاحتلال، فردّت المقاومة بإطلاق صاروخين على مستوطنة سديروت، فيما بدا أنه تثبيت لمعادلة جديدة مفادها أنّ استهداف النشطاء على الحدود سيقابله صواريخ من غزة على الغلاف.
وأطلق الاحتلال خلال الأيام الماضية الرصاص الحيّ مباشرة على كل من يقترب من الحدود مستهدفاً بالذات مطلقي البالونات الحارقة، واستهدف كذلك عدداً من المواقع العسكرية لـ”كتائب القسام” الذراع العسكرية لحركة “حماس”، في مناطق مختلفة من القطاع بقصف جوي عنيف. وقال الجيش الإسرائيلي، فجر الأحد، إن طيرانه قصف أهدافاً تابعة لـ”حماس” جنوبي غزة، بما في ذلك موقع لتخزين صواريخ، على خلفية إطلاق صاروخين تجاه مدينة سديروت. وذكر شهود عيان أن طائرات حربية ومسيرة استهدفت موقع “عسقلان” التابع لـ”كتائب القسام” شمالي بيت لاهيا بأكثر من ثمانية صواريخ. وفي مخيم البريج وسط القطاع، استهدفت طائرات حربية إسرائيلية موقعاً للمقاومة، ولم يبلغ عن وقوع إصابات في صفوف الفلسطينيين. واستهدفت طائرة إسرائيلية مسيّرة مرتين نقطة رصد للمقاومة شرقي مدينة غزة. من جهته، أعلن وزير الأمن الإسرائيلي بني غانتس أمس أن “الجيش الإسرائيلي سيرد بقوة حتى عودة الهدوء إلى الجنوب”. وأضاف “إذا لم تكن سديروت هادئة، فلن تكون غزة كذلك”.