
فرنسا والإسلاموفوبيا.. منع فيلم عن ثانوية ابن رشد.. تعطيل نموذج التعايش
ضمن خطوة تعكس عمق أزمة الإسلاموفوبيا في فرنسا، أقدمت عدة دور سينما هناك على إلغاء عروض الفيلم الوثائقي “ابن رشد: ما وراء الأحكام المسبقة”، الذي يبرز نجاح ثانوية ابن رشد في مدينة ليل كفضاء تعليمي يجمع بين التميز الأكاديمي والقيم الإسلامية، القرار لم يكن تقنيا أو ماليا، بل جاء نتيجة ضغوط سياسية ممنهجة، تكشف عن تناقض صارخ بين شعارات الجمهورية عن “حرية التعبير” وممارساتها العنصرية تجاه كل ما هو إسلامي.
الفيلم المستهدف ليس عملا دعويا، بل شهادة واقعية عن مدرسة باتت نموذجا للاندماج دون تنازل عن الهوية لكن يبدو أن هذا النجاح يزعج أطرافا في فرنسا، خاصة اليمين المتطرف الذي حوَّل الإسلام إلى “عدو داخلي”.
الإلغاء تزامن مع جدل قانوني حول إعادة إدماج مجموعة “أفرويس” وهو الاسم اللاتيني الذي اختاره الغرب لاسم ابن رشد تحريفا منهم لاسمه العربي، ما يؤكد أن القضية سياسية بامتياز ففرنسا التي تتباهى بالحرية حين تُسخّر من الإسلام كما في حالات لا تُحصى، تتحول إلى رقيب متشدد حين يعرض فيلم عن تعليم مسلم ناجح!
المفارقة الصارخة هنا تكمن في أن فرنسا التي تحتضن أفلاما تُمَجِّد الإساءة إلى رموز المسلمين تحت ذريعة “الفن”، تمنع فيلما وثائقيا عن مدرسة! السؤال: أي خطر يشكله عرض تجربة تعليمية ناجحة؟ الجواب ببساطة الخوف من أن يكسر الفيلم الصورة النمطية عن المسلم “المتخلف” أو “المنغلق”، التي تغذيها خطابات مارين لوبان وأذنابها، المعيار واضح: “حرية التعبير” مكفولة فقط إذا هَزَأتْ بالإسلام، أما إذا دافعت عنه أو عرضت إنجازاته، فستواجه الرقابة والمنع.
الثانوية التي تحمل اسم الفيلسوف الأندلسي تواجه اليوم في بلد يدعي الدفاع عن “الأنوار”، المدرسة – التي بدأت بتعليم 19 طالبة مُحجبة طُردن من المدارس الحكومية – أصبحت مثالا للتماسك الاجتماعي والتفوق الدراسي. لكن فرنسا، التي تمول مدارس كاثوليكية ويهودية، تتعامل مع الإسلام كـ”استثناء” لا يستحق المساواة، هذا ليس عنصرية عابرة، بل استمرار لعقلية استعمارية لدى الفرنسيين.
ردّ القائمون على ثانوية ابن رشد كان واضحا: “هذا الفيلم لا يصرخ، بل يستمع ويُحاور”. لكن فرنسا الرسمية تخشى الحوار، لأنها تعلم أن أي نقاش عادل سيكشف زيف ادعاءاتها عن “التطرف الإسلامي”. الإلغاء ليس هزيمة للمسلمين، بل اعترافا غير مباشر بقوة تأثيرهم فالشباب الفرنسي المسلم – رغم التضييق – يصنع نجاحاته، والمدارس الإسلامية – رغم الحصار – تثبت جدارتها.
* تنويه: المقال مأخوذ من صفحات التواصل الإجتماعي الرسمية للصحفية.