أخبار عاجلةالحدث

التعليم الثانوي في الجزائر على مشارف تغيير جذري

الوزارة تعكف على تخفيف وضبط الحجم الساعي والإعفاء من المواد غير المتخصصة

 

 

كشفت وزارة التربية الوطنية عن التزامها بإصلاح هيكلي يطال الحجم الساعي لتلاميذ الطور الثانوي، في خطوة تهدف إلى رفع جودة التعليم وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني.

هذا التوجه أكده وزير التربية الوطنية محمد صغير سعداوي خلال ندوة افتراضية بعنوان “ساعة حوار مع وزير التربية الوطنية”، نظّمها المجلس الأعلى للشباب بالتعاون مع الوزارة.

  • تخفيف الحجم الساعي: الانتقال من “الكم” إلى “الكيف

ولدى رده على تساؤلات التلاميذ حول ضرورة تقليص الحجم الساعي وتخفيف البرامج، أشار الوزير إلى أن إدارته واعية بأهمية هذا الملف الذي يندرج ضمن صميم إستراتيجية جودة التعليم. وكشف سعداوي أن الوزارة تعمل حاليًا على ضبط الترتيبات اللازمة لضمان حصول تلاميذ كل شعبة على الحجم الساعي اللازم للمواد ذات العلاقة المباشرة بتخصصهم.

من جهته، وصف المهتم بالشأن التربوي يوسف رمضاني هذا التوجه بأنه “آلية عملية لتصحيح اختلالات النظام التربوي المرتبطة بتكدّس المحتوى التعليمي”. ويرى رمضاني أن إعادة الضبط لا تعني تقليص التعليمات، بل تهدف إلى تحرير المنهاج من التكرار والمعلومات الثانوية التي لا تخدم الأهداف التكوينية، مما سيمكن الأساتذة من تطبيق طرائق تدريس حديثة قائمة على التحليل والنقاش والتطبيق العملي.

وأكد رمضاني أن تحسين استيعاب التلاميذ سيكون من أهم المكاسب، حيث أن “التلميذ الذي يدرس عدداً أقل من المواد ضمن رزنامة زمنية متوازنة يملك فرصة أفضل للتركيز والاستيعاب العميق”، مما سيؤدي إلى الحد من القلق المدرسي وتحسين المناخ النفسي داخل المؤسسات.

  • مخاوف “الهوية الوطنية” و”التلميذ المحدود الثقافة

أعلن وزير التربية أن عملية التخفيف ستتضمن أيضاً “إعفاء تلاميذ الطور الثانوي من المواد التي ليس لها ارتباط مباشر بتخصصهم”، وهو ما سيؤدي إلى تخفيف ملحوظ في البرامج.

لكن هذا الإجراء أثار تخوفات لدى النقابي بوجمعة محمد شيهوب، رئيس المنظمة الجزائرية لأساتذة التربية، الذي حذّر بشدة من أن يمس الإعفاء “مواد الهوية الوطنية”، مؤكداً أن نقابته لن تقبل بأي إجراء يطال هذه المواد. ودعا شيهوب إلى تعميق تدريس هذه المواد وزيادة حجمها الساعي ومراجعة مضامينها لتكريس القيم الوطنية.

في المقابل، أكد يوسف رمضاني أن “مواد الهوية الوطنية ستظل ركيزة ثابتة في المشروع التربوي الوطني، ولا يمكن المساس بها”. موضحاً أن الإصلاح لا يستهدف حذفها، بل يسعى إلى “توزيع أكثر عقلانية للزمن المدرسي” لتقديمها بأساليب حديثة تخدم بناء الشخصية الوطنية المتوازنة.

كما تخوف شيهوب من أن يؤدي الإعفاء إلى “إنتاج تلميذ محدود الثقافة”، مشدداً على أن المدرسة يجب أن تخرّج “التلميذ الإنسان” الذي يملك الحد الأدنى من الروح القومية والعلمية. رداً على ذلك، أكد رمضاني أن هذا التخوف “مشروع ويمكن تجاوزه باعتماد مقاربة تكاملية تجمع بين التخصص والانفتاح الثقافي”، فالهدف هو تكوين جيل يجمع بين الأصالة والانفتاح، والكفاءة الأكاديمية والوعي الاجتماعي.

  • الإصلاح مرهون بـ”مراجعة شاملة للمناهج

أجمع الخبراء على أن تنظيم الحجم الساعي ليس حلاً كافياً بحد ذاته، بل هو جزء من منظومة إصلاحية متكاملة.

يوسف رمضاني بيّن أن المسألة لا تتعلق بعدد الساعات فقط، بل بـجودة المحتوى وأساليب التقويم، داعياً إلى مراجعة شاملة في المقاربات البيداغوجية، والانتقال من التلقين إلى التعليم القائم على بناء المعرفة الذاتية والبحث.

بوجمعة محمد شيهوب شدد على ضرورة أن يرافق تخفيف الحجم الساعي المراجعة الكاملة للبرامج والمناهج، مع المطالبة بإرجاع الشعب التقنية وشعبة العلوم الإسلامية التي حُذفت، لـ”تقديم تعليم متخصص”.

وختم رمضاني بأن نجاح الإصلاح مرهون بـالتطبيق التدريجي المتدرج، وإشراك جميع الفاعلين التربويين، ومراجعة طرق التكوين، مؤكداً أن النجاعة التعليمية تتحقق عندما يتم التكامل بين عناصر الإصلاح: الزمن، المناهج، التكوين، والوسائل، برؤية تضع المتعلم في صلب العملية التعليمية كفاعل ومبدع.

إظهار المزيد

نصيرة. ك

صحفية منذ 2019، مختصة في الشأن الوطني.

مقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى