“العولة” تنقذ سكان المرتفعات من العزلة والجوع !
عادت “العولة” بقوة، هذه الأيام، مع سوء الأحوال الجوية والظروف المناخية القاسية التي تعرفها العديد من ولايات الوطن، حيث لجأت أغلب الأسر التي تعيش في القرى والمداشر التي عزلتها الثلوج والتقلبات الجوية إلى ما خبأته من مواد أساسية بعدما بات عسيرا عليها الخروج من المنازل أو المجازفة في قطع عشرات الكيلومترات من أجل الظفر بمواد غذائية أساسية.
واضطرت الكثير من العائلات بالقرى والمداشر والمرتفعات التي مسها تساقط الثلوج والتقلبات الجوية إلى استخراج مدخراتها من مواد غذائية ومؤونة لمواجهة قسوة المعيشة والحصار الذي فرضته الثلوج المتساقطة. وكشف بعض المواطنين القاطنين في قرى بلدية تيزي وزو في تصريح لـ” عاجل نيوز” أن ما حصل لهم خلال السنوات الأخيرة جراء تعرضهم لعزلة تامة ناجمة عن تساقط الثلوج لفترات تجاوزت لدى بعضهم الشهر، أجبرهم على العودة إلى ثقافة الادخار، أو ما يعرف بـ”العولة”، لضمان الغذاء في الفترات الصعبة. وفي هذا الصدد، قال “عمي سعيد” من قرية “أزمور” إنه أصبح يضطر إلى اقتناء كل المواد الغذائية الأساسية من سميد وشعير وزيت وسكر وحليب، وبعض أنواع البقوليات والعجائن، قبل دخول فصل الشتاء لضمان تجاوز المرحلة الصعبة، لاسيما أثناء تساقط الثلوج، حين يتعذر علينا، كما أضاف، التنقل إلى حيث تتواجد محلات المواد الغذائية لاقتناء ما تحتاجه العائلة من مؤونة في مجال الغذاء، مؤكدا أنه غالبا ما يتم الاعتماد في المعيشة خلال فصل الشتاء على بعض الأكلات التقليدية التي تحضر بمواد يتم تخزينها، وتعطي سعرات حرارية للجسم وتساعد على مقاومة لسعات البرد. من جهته، كشف “أكلي” من أعالي قرية “زرودة” أنه كثيرا ما تغيب بعض المواد الغذائية الأساسية مثل الخبز والحليب عن منزله، خلال فصل الشتاء لفترات تتجاوز أحيانا أسبوعين، بسبب العزلة التي تفرضها الثلوج، ويتم تعويضها بخبز الدار أو “الكسرة” ومشروب “التيزانة” و”الزعتر”، والكسكسي الذي تتم صناعته وتجفيفه صيفا، مضيفا “ادخار كميات كبيرة من المواد الغذائية أصبح من الصعب تحقيقه، رغم توفر بعض الإمكانيات التي كانت غائبة في القديم، على غرار الثلاجة التي تتيح تخزين حتى اللحوم، وذلك في ظل الفقر الذي تعيشه الكثير من العائلات بالمنطقة، ما يجعلنا نستنجد لضمان العولة بما نجنيه من محاصيل فلاحية عائلية، كما هو الشأن بالنسبة لزيت الزيتون وبعض الحبوب والبقوليات”. ويرى “عمي مسعود” من قرية بوعون في ذات الولاية، أهمية كبرى في تربية المواشي والدواجن لدى سكان المنطقة في مواجهة قسوة المعيشة اليومية، خاصة في فصل الشتاء، بالنظر، كما قال، “أن الكثير من العائلات تضطر في كل مرة إلى ذبح رأس من الغنم أو الماعز والدواجن لضمان الغذاء، في ظل الصعوبات التي تواجهها في التنقل لاقتناء اللحوم وحتى في توفير أموال لهذا الغرض”، مضيفا في معرض حديثه عن معاناة العديد من العائلات بالمنطقة، خاصة أثناء العزلة الناجمة عن تساقط الثلوج، قائلا: “كثيرا ما نلجأ إلى الاستنجاد كذلك بمياه الأمطار في الشرب والطهي والغسيل، وذلك بملء الدلاء تحت شرفات المنازل واستغلالها لهذا الغرض، لاسيما أمام استحالة التوجه إلى الينابيع التي نتزود منها خلال باقي فصول السنة”. وأشار من جهة أخرى: “غالبا ما نعتمد على الاحتطاب في ضمان التدفئة والطهي، أمام استحالة ضمان الاكتفاء بقارورات غاز البوتان، وصعوبة جلبها”.