
جزائريون “يلتحفون السماء” في درجات حرارة أقل من الصفر
المتجول في المدن الكبرى هذه الأيام ليلا يقف على مأساة إنسانية حقيقية، أبطالها “أشخاص دون مأوى”، يبيتون في العراء في درجات حرارة أقل من الصفر، ويقضون لياليهم في ظروف قاسية.
وتزداد مأساة آلاف المتشردين في فصل الشتاء، مواطنين غدر بهم الزمن ولم تنصفهم الأيام، لا يمتلكون سقفا يؤويهم. فمع برودة الطقس وصعوبات المبيت في الشارع، ترى هؤلاء المشردين يفترشون الأرض والأرصفة استعدادا لقضاء ليلة باردة وممطرة، وينتظرون التفاتة الجهات المعنية أو الجمعيات الخيرية الذين يقدمون لهم وجبة ساخنة تعيد الدفء لأمعائهم الخاوية.
من هؤلاء المتشردين السيدة جميلة التي تتخذ من مدخل عمارة في شارع حسيبة بن بوعلي مأوى لها، تقول السيدة جميلة إنها تنام عند مدخل عمارة، ملتحفة رداء من قماش لا يقيها البرد، لكنها ترفض الخوض في الأسباب التي حرمتها من مأوى تلجأ إليه، مكتفية بالقول إن ظروفا عائلية أجبرتها على ذلك. السيد أحمد هو الآخر يفترش الطرق ليلا ويبحث نهارا بين القمامات عن شيء يأكله. جميلة وأحمد وآخرون يعانون التشرد خاصة في عز الشتاء، فالظروف الاجتماعية لا ترحم، لكل منهم قصة مبهمة يرفض الخوض فيها ويبقى صابرا، وتحاول بعض الجمعيات الخيرية مساعدة المتشردين من دون مأوى ولو بالقليل، وهذا من خلال توزيع وجبات ساخنة عليهم ليلا، وبعض الأفرشة والأغطية. ورغم جهود الجمعيات والأفراد في حماية هؤلاء من خطر التجمد، إلا أنها تبقى غير كافية، بالنظر لغياب بطاقية حقيقية لتلك الفئة المنتشرة في الساحات العمومية ومحطات النقل ودور العبادة. ولعل ما فاقم الأمر هو إصابة البعض منهم بأمراض عقلية، ولا يمكن التحكم في حركتهم أو سلوكياتهم وتنقلاتهم، لكن مع ذلك تبقى مسؤولية المجتمع والدولة قائمة تجاه هؤلاء من أجل حمايتهم. بالمقابل، فإن بعض المتشردين ورغم درجات البرد القياسية، ومحاولات الأعوان التابعين لمديريات النشاط الاجتماعي جمعهم ضمن مراكز إيواء، إلا أنهم يرفضون ذلك رغم المحاولات المتكررة لإقناعهم. ويختص بالرفض المدمنون والمتسولون لما يجدونه من حرية في ممارسة طقوسهم خارج أسوار مراكز الإيواء النظامية.