
عندما تغيب الكلمة “المهذّبة” ويحل محلها “الكلام الفاحش”؟!
نساء ضحايا للظاهرة في الشارع، العمل والمحيط الأسري
يرتبط الحديث عن العنف بأنواعه ضد النساء في الجزائر بمناسبات معينة فقط، بينما تعاني أغلب الجزائريات من هذه الظاهرة خاصة العنف اللفظي على مدار السنة ويوميا في الطرقات والشوارع، وحتى العمل بسبب “رجال” غابت عن ألسنتهم الكلمة المهذبة لتحل محلها الألفاظ السوقية التي أصبحت أساس أي حوار مع الطرف الآخر، حتى وإن كان هذا الطرف هو “أما” أو “أختا” أو حتى “زميلة عمل”.
ويعيش العديد من الجزائريين من الرجال خاصة الشباب في وقتنا الحالي حالة من الفوضى اللفظية في غياب الكلمة المهذبة أو المتخلقة، التي لم تعد حاضرة حتى في أبسط الحوارات أو النقاشات بين مختلف الشرائح العمرية، بل أصبحت الكلمة العنيفة كالسب والشتم والتعليقات التي تعكس مدى التدني الأخلاقي وغياب الوازع الديني من أكثر الكلمات التي تلتقطها الأذن شاءت ذلك أم أبت، بل إنها أصبحت جزءا من يومياتنا إلى درجة أن البعض يعتبرها “عادية”، وتعد النساء من أكثر ضحايا هذا العنف اللفظي، حيث تتعرض أغلبهن عبر الطرقات والشوارع لسب وشتم دون أي سبب يذكر من طرف “رجال” لا يعترفون بالأخلاق، بل الأخطر هو تعرض بعض الفتيات والنساء لهذا العنف اللفظي داخل أسرهن أو حتى محيط عملهن، وهو ما تحول إلى ظاهرة خطيرة تستدعي دق ناقوس الخطر.
وفي استطلاع عن الموضوع قام به “عاجل نيوز”، أكدت لنا “سميرة” أنها في غالب الأحيان تسمع كلمات بذيئة وقبيحة من طرف الشباب في الشارع، ليس لشيء فقط لأنها مرت من أمامهم، وهو ما يجعلها تستشيط غضبا، غير أنها لا ترد في أغلب الأحيان كونها تخاف من أن يكون مصدر هذه العبارات تحت تأثير مخدرات أو أي أمور أخرى، وهو ما قد يعقد الوضع أكثر إن تصادمت معه في حوار. من جهتها تقول “أميمة” إنها في أغلب الأحيان لا تتحمل ما تسمعه من ألفاظ قبيحة فتقوم بالرد مباشرة، إلا أنه بمجرد الرد تضيف “أندم لأن ما أسمعه بعدها كلاما أقبح بكثير من الكلام الأول لا يمكنني حتى ذكره”. “مريم” بدورها تؤكد أنها تسمع الكلام الجارح والقبيح داخل محيط أسرتها من أخيها المدمن على المخدرات، مؤكدة أنها تتعرض يوميا لعنف لفظي من طرفه دون أن تتمكن من فعل أي شيء حتى لا تستفزه أكثر وتكثر المشاكل في البيت. أما “مروة” فتقول إنها تعرضت أكثر من مرة لعنف لفظي من باب المزاح من زملاء لها في العمل، مشيرة أنها لم تقبل هذا التصرف ووضعت سريعا حدا لهذا السلوك من طرف زملائها، حتى أنها قطعت علاقتها بهم وباتت لا تتحدث معهم إلا للضرورة.