تعرف الأمراض العقلية في الجزائر ارتفاعا مقلقا في وقت لا تزال هذه الأمراض تشكل أحد الطابوهات المسكوت عنها. فرغم أن أغلبها لها حلول علاجية تعوض من مصالح الضمان الاجتماعي، إلا أن الوصول للعلاج أو المختص في الطب العقلي لا يكون إلا بعد رحلة طويلة، من سوء التشخيص ودق كل الأبواب ومنها أبواب الرقاة والمشعوذين، وهو ما يؤزم العديد من الأمراض العقلية وحتى النفسية.
وتسجل الجزائر ما يناهز 450 اضطراب عقلي منها اضطرابات عقلية حادة على غرار انفصام الشخصية والاكتئاب والانهيار العصبي والاضطرابات ثنائية القطب أو الاضطرابات المزاجية وكذا الإدمان والانتحار والصرع، في حين تشير الإحصائيات أن انفصام الشخصية يسجل بنحو نسبة 1 بالمائة، والاضطرابات ثنائية القطب بحوالي 2 بالمائة، أما القلق فينتشر بنسبة 15 بالمائة، وغالبا ما يلجأ المصابون به إلى العيادات الخاصة، عكس الفئات الأخرى.
وفي هذا الصدد، كشف البروفيسور ثابتي مجيد، رئيس مصلحة الأمراض العقلية بالمؤسسة الاستشفائية المتخصصة بالشراڤة، في تصريح، أن 80 بالمائة من الأسرة الاستشفائية يشغلها المرضى الذين يعانون انفصاما في الشخصية، وهو الاضطراب العقلي بامتياز الذي يعاني منه الجزائريون، مؤكدا أن أسباب الإصابة متعددة، لكن الأهم هو الهشاشة البيولوجية ووجود استعدادات جينية وقابلية للإصابة بسبب قلة المناعة إزاء مختلف حالات القلق والضغط النفسي الذي يحدث في محيط المريض وأسرته.
وأوضح البروفيسور ثابتي أن الفئة الأكثر تعرضا لهذه الاضطرابات العقلية تتراوح أعمارها ما بين 14 و40 عاما من النساء والرجال على قدر سواء، ولذلك يسعى المختصون إلى التكفل المبكر بالمرضى في المراحل الأولى لدى الطفل والمراهق خاصة الإدمان، حتى يتفادوا بلوغ الإصابة للكبار وبالتالي يخفف العبء عن المختصين في علاج البالغين. مشيرا أن الجزائري لا يذهب إلى المختص العقلي إلا بعد رحلة طويلة من الراقي إلى المشعوذ وإلى الطب الشعبي، وغالبا ما يرفض هؤلاء فكرة الإصابة بالمرض العقلي الذي يعتبرونه جنونا. والجزائر ليست العاصمة فقط، بل هي المناطق الداخلية العميقة، حيث لا يؤمن الناس كثيرا بالعلم والطب، ليؤكد أن خطورة نقص التكفل بالاضطرابات العقلية والعصبية في محاولات الانتحار، فكل الاضطرابات يمكنها أن تؤدي إلى الانتحار يتقدمها الانهيار العصبي والكآبة والإدمان.