طفولة غابت عنها البراءة ؟!
فقد الكثير من أطفال الجيل الحالي براءتهم، حيث باتوا في تصرفاتهم وألعابهم وحتى حديثهم يشبهون الكبار، وحتى ألعاب الماضي اختفت على غرار “الغميضة” و”لاماغين، وحلّت محلها ألعاب كلها عنف، قتلت البراءة في نفوس هؤلاء الأطفال، الذين باتوا يعيشون حياة مختلفة تماما، وسط صرخات مدوية للمختصين الذين يطالبون الأولياء بضرورية الاهتمام أكثر بتربية وتنشئة أبنائهم وإبعادهم عن كل ما هو عنيف.
وقد تحوّل ذوق أطفال اليوم إلى كل ما هو عنيف وصاخب، حتى في طرق اللعب التي اختلفت من طفل لآخر لتبلغ درجة رجل آلي يملك قوة خارقة تجعله يهزم الجميع ويدمّر ما حوله. قضية قد تبدو منذ الوهلة الأولى بأنها أمر عادي، لكنها تحمل الكثير من الأسرار التي جعلت من واقع طفولتنا اليوم ينقلب رأسا على عقب، وهي الألعاب التي تغير منطقها. ويكشف أغلب الأولياء في الوقت الحاضر أن أطفالهم أصبحوا يقضون ساعات طويلة أمام شاشات التلفزيون يشاهدون قنوات متخصصة في أفلام الكارتون، تختلف كثيرا عن الأفلام التي كنا نشاهدها في السابق عن الوفاء والصداقة، وكانت مليئة بالأحاسيس الإنسانية وتحمل براءة الأطفال وبساطة الحياة، لكن حاليا أصبح الكرتون يأخذ الطفل إلى عالم لا وجود له وشخصيات لا علاقة لها بالواقع، وصور متحركة لكائنات مشوّهة الشكل والوجه والحركة، تصدر أصواتا وحركات مقزّزة، وتفرز سوائل وتبصق وتتقيأ وتتمدد وتختفي وتظهر ثم تتحوّل من بشر إلى وحوش، أو مخلوقات عجيبة يشاهدها الطفل ويتفاعل معها ويحبّها، أما القصص الاجتماعية التي تتابعها الفتيات فمليئة بالمشاهد العاطفية واللباس المتبرج والإثارة، ليكون نهاية القصة الزواج، في العادة، من خلال لبس الفستان الأبيض والاستقرار في قصر من الأحلام. وبالمقابل لم تعد تستهوي طفل اليوم، ألعاب كانت في وقت غير بعيد أهم ما يلعبه جيل الأمس، من لعبة الغميضة التي كان يتنافس عليها الإناث والذكور، فيما كانت لعبة القفز على الحبل اللعبة المفضلة عند الفتيات اللواتي يرقصن على أغاني يرددها الكل، ولعبة “لاماغين” وغيرها من الألعاب التي كلها حيوية، عكس ألعاب الزمن الحاضر والتي باتت تصيب الأطفال بالسمنة وحتى بعض الأولياء الذين التفتوا لخطورة الوضع الذي يتواجد فيه أبناؤهم، حيث وجدوا أنفسهم أمام تحد كبير في مساعيهم لإنقاذ أبنائهم من هذه الورطة، غير أن التكنولوجيا سيطرت على كافة أفراد الأسرة لدرجة بات الأولياء غير قادرين على تغيير سلوك أبنائهم وهو ما يجعل المختصين يدقون ناقوس الخطر مطالبين الاولياء بضرورية الاهتمام أكثر بتربية وتنشئة أبنائهم وابعادهم عن كل ما هو عنيف