تعج مواقع التواصل الاجتماعي بآلاف المنشورات الدينية والتي تحولت إلى مثابة وسواس لبعض الجزائريين من المتدينين ظاهريا والذين باتوا يؤدون الطقوس الدينية والعبادات خلف شاشات الكمبيوتر، فتجدهم يستحلفونك في رسائلهم أن تصلي على الرسول أو تسبح أو تبعث بآية أو حديث لعشرة أشخاص وإن لم تفعل فاعلم أن الشيطان هو الذي منعك، في حين أن هؤلاء هم أنفسهم لا يؤدون الفرائض الدينية الأساسية أهمها الصلاة في الواقع.
وقد انتشر ما بات يعرف بالتدين الإلكتروني وهو في حقيقة الأمر تدين مغشوش بين الجزائريين في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يحرص العديد من نشطاء الفايسبوك على وجه الخصوص في الجزائر على الاتصاف بالمظهر الديني على البروفيلات ويركزون في منشوراتهم على العبادات والأدعية وفضل الذكر وقراءة بعض السور القرآنية وحتى بعض القصص الدينية، دون أن يكون ذلك هو السلوك الحقيقي لهؤلاء الأشخاص في حياتهم اليومية. والمزعج تلك الرسائل التي يبعثونها لقائمة أصدقائهم وحتى لمن ليسوا ضمن قائمة أصدقائهم والتي تدعوهم للصلاة على النبي والذكر والتسبيح وإرسال نفس الرسالة لأشخاص آخرين وإن لم يفعلوا فإن الشيطان هو الذي منعهم. والغريب أن هؤلاء الواعظين في العالم الافتراضي هم أنفسهم من يضربون بكل التعاليم الدينية عرض الحائط في حياتهم اليومية. وفي هذا الصدد تقول سمية، وهي إحدى رواد الفضاء الأزرق، إنها دائما ما تتفاجأ بما ينشره قريبها على صفحته في الفايسبوك، مشيرة أن أغلب منشوراته تتحدث عن الدين والأخلاق والصلاة، في حين أنه في الواقع له العديد من السلوكيات التي لا علاقة لها لا بالدين ولا بالأخلاق، فهو مدمن مخدرات وعاق لوالديه، مشيرة أن والدته في إحدى المرات جاءت لبيتهم تشتكي أنه حاول ضربها، وهو ما جعل سمية تلغي صداقة قريبها لأنها لم تحتمل نفاقه في الفايسبوك وتصنعه للتدين بينما هو العكس تماما، أما محمد فيقول إنه بات يلغي صداقة كل من يبعث له برسالة تدعوه للتسبيح وإن لم يفعل فإن الشيطان هو الذي منعه، مشيرا أنه من الإيجابي أن تجد منشورات في الفايسبوك تذكرك بالصلاة والتسبيح والصلاة على النبي لكن ليس بالطريقة التي تعتمدها بعض المنشورات والتي تكون في غالب الأمر استفزازية، خاصة تلك التي تدعوك لإرسال نفس الرسالة لـ10 أشخاص لتسمع خبرا مفرحا، معتبرا أن مثل هذه الرسائل هي قريبة للشعوذة منها إلى الدين الإسلامي، في حين ترى أميمة أنه من يريد الصلاة والصوم والتسبيح وذكر الله لا يحتاج لإظهار ذلك عبر صفحته بالفايسوك، لأن ذلك يدخل في خانة الرياء، مضيفة أن المبالغة في المنشورات الدينية باتت فيروسا أصاب العديد من الجزائريين الذين لا يظهرون حقيقتهم ويتخذون من هذا التدين الإلكتروني وسيلة لجمع “الليكات” والتعليقات.